ملخص الخطبة
1- مسؤولية الإنسان عن عمله فرع عن إدراكه ووعيه. 2- تسقط مسؤولية الإنسان عن فعله في أحوال. 3- ما عدا هذه الأحوال فكل مسؤول عن فعله وقوله. 4- قد تتسع المسؤولية فيكون مسؤولاً عن فعل غيره. 5- أنواع المسؤولية: أ- مسؤولية القدوة والمنصب. ب- مسؤولية الكلمة. ج- مسؤولية العهد.
الخطبة الأولى
وقفوهم إنهم مسئولون مالكم لا تنصرون % بل هم اليوم مستسلمون [الصافات:24-26].
المسئولية في إسلامنا تكليف لا تشريف، ولا يتنافس عليها إلا الغافلون أو المغفلون الذين لا يدركون حال المسؤول في الآخرة من حبس في الموقف، وسؤال عسير، فلا يجد من ينصره من بطانة السوء حيث لا يملك إلا الانقياد والذلة والخضوع لرب الأرض والسماء سبحانه.
فما المسؤولية؟ ولماذا؟ وما أنواعها؟ وخيانة المسؤولية كيف تكون؟
أما المسؤولية: فهي التبعة والتكليف.
واصطلاحا: هو التكليف الذي يعقبه الحساب.
وينبغي أن تعلم:
أن المسؤول مسؤول أمام من هو فوقه إلا رب العزة سبحانه فليس فوق الله أحد قال تعالى: لا يسأل عما يفعل وهم يسألون [الأنبياء:23].
كما أنه لا مسؤلية إلا بتكليف قال تعالى: أيحسب الإنسان أن يترك سدى [القيامة:36]. أي بلا أمر أو نهي.
لا تكليف إلا بإرادة واعية، مدركة، عاقلة فلا تكليف على نائم لفقدان الوعي ولا على صبي لفقدان الإدراك ولا تكليف على مجنون لفقدان العقل للحديث: ((رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل))([1]).
والعبد لا يتحمل مسؤولية فعله في أحوال ثلاثة:
أ - النسيان: للحديث: ((من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك))([2]).
ب- الإكراه: وعندما اشتد العذاب على عمار بن ياسر وقالوا: لا نتركك حتى تسب محمدا ففعل فتركوه فأتى النبي يبكي فسأل النبي فقال: ((كيف تجد قلبك))؟ قال عمار: أجده مطمئنا بالإيمان، فقال له النبي: ((يا عمار إن عادوا فعد)) أي إن عادوا لتعذيبك فعد إلى شتمي وأنزل الله قوله: إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان [النحل:106]. وللحديث: ((إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه))([3]).
ج- الاضطرار: لقوله تعالى: فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه [البقرة:173]. قال ابن كثير: غير باغ أي غير مستحل له، ولا عاد أي ولا مجاوز للحد فيه.
وليس للعبد حجة أمام الله تعالى في أن يحتج بعلم الله المطلق على ما يأتيه من فعل كما قال بذلك القدرية والجبرية.
ورد الله تعالى تلك الفرية بقوله سبحانه: سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباءنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون [الأنعام:148].
وأما لماذا المسؤولية؟ فلا بد من المسؤولية حتى:
لا يلقي أحد على أحد مسؤولية العمل المناط به، قال تعالى: ولا تزر وازرة وزر أخرى [الإسراء:15]. فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره % ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره [الزلزلة:6-7]. ولذلك كان من الواضح في