أصبح الاقتران بموظفة عامل إغراء لكثير من الشباب لا سيما اصحاب الدخل المحدود، ولا يحتاج المرء إلى فطنة ليدرك أنّ سوق الزواج من الموظفات رائج جدا ً، فأسهُم الموظفة والجامعية أعلى من غيرها .
لكن راتب الزوجة قد يشكل - في بعض الحالات - وبالاً عليها وأحد مصادر الشقاء في حياتها الأسرية ! والمجتمعات العربية تضجُّ بالكثير من الأمثلة لحالات تغوُّل غير شرعي لدخل المرأة ، وسرقة جهدها وعرقها.
فمن المؤسف أن نجد من الأزواج - من رقّ دينه وقلّت مروءته - يأكل مال زوجته بغير حق ، ويسلك في ذلك سبلاً شتّى :
· تهديدها بالطلاق إن لم تعطه.
· التملق لها وإظهار الحاجة بين يديها.
· الاستدانة منها مع تبييت النيّة بعدم الوفاء.
· الاشتراك معها في مشروع ما ، دون كتابة عقد بينهما، ثم يسلُّ يدها منه ، وينفرد بالمشروع وحده.. إلى غير ذلك من ألوان الأكل لمال الزوجة.
هذه الصور لانعكس بالضرورة الوجه المشرق للعلاقات الاجتماعية المتينة التي يعجُّ بها مجتمعنا الإسلامي والمرتكزة على قوامة الرجل وشعوره بالمسئولية نحو المرأة أماً وزوجة وأختاً ، حتى لو كنَّ ثريات .
فالزوج في الإسلام هو المسؤول عن الإنفاق على الأسرة ، حتى ولو كانت الزوجة غنيّة وتملك الملايين.. يقول تعالى: {الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} .. فالرجل هو الذي ينفق ويدفع المهر، إلا في حالات الضرورة كالعجز ، فإذاعجز الرجل وزوجته غنيّة فيجب عليها أن تنفق عليه وفقا لرأي بعض العلماء ؛ لأنّ الحقوق متبادلة (ولهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف).
بإمعانِ النظر في النصوص الشرعية نجد أنّ الإسلام حمى مال الزوجة؛ فلم يجعل ليد الزوج عليه من سبيل؛ فأبقى لها حريّة التصرُّف في مالها إذا كانت عاقلة رشيدة، وليس للزوج حق في أن يتناول منه درهماً واحداً إلا عن طيب نفسها، وليس له حق في منعها من أن تتصرّف في مالها على وجه المعاوضة كالبيع والقرض والإجارة ونحوها.. وليس له الحق في منعها من أن تنفق منه أو تنفقه على وجه التبرع كالصدقة والهبة.
فقد روى البخاري عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال : "شهدتُ مع رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة، ثمّ قام متوكئاً على بلال، حتى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن فقال: تصدّقن فإنّ أكثركنّ حطب جهنم ، فتكلّمت امرأة من وسط النساء سفعاء الخدّين فقالت لِمَ يارسول الله؟ قال : لأنكنّ تكثرن الشكاية وتكفرن العشير، قال : فجعلن يتصدقن من حليهن، يلقين في ثوب بلال من أقراطهن وخواتمهن"
ولايعني ذلك أن تقبض المرأة يدها عن إعانة زوجها، كما لايعني تصرُّفها في مالها أن تدع استشارة الزوج والاستنارة برأيه ، بل اللائق بها أن تستشيره في شؤونها، وتعينه على نوائب الدهر خاصة في هذا العصر حيث خرجت المرأة للعمل، مما يكلّف الزوج الكثير. فعليها أن تسدد وتقارب محاولة إرضاء زوجها مقابل تحمله لبعض التقصير منها في أداء حقوقها وإهمال أبنائها وبيتها . فله عليها حق من مالها وخصوصاً إذا كان ذا دخل محدود ، فأين ستصرف راتبها إذا لم تساهم بجزء منه لزوجها وبيتها ؟! لذا يمكنها أن تساهم في نفقة البيت وتعاون زوجها وتحمل عنه جزء من الأعباء الاقتصادية للأسرة . فذلك مما ينمّي الأُلفة ويرسِّخ دعائم المودَّة .
جدير بالذكر أنه تقع على المؤسسات المختلفة مسؤولية كبيرة من حيث التوعية الدينية لتعريف الأزواج بحقوق كل منهم تجاه الآخر ، وتبصيرهم بمسؤولياتهم الزوجية ، مع ضرورة وضع برنامج (زواجي وقائي) لمراكز خدمة المجتمع وفي المرحلة النهائية من الثانوية العامة للبنين والبنات ليعوا دورهم بحقيقة العلاقة الزوجية وكيفية مواجهة الكثير من المشكلات بمختلف أنواعها ومنها كيفية التعامل مع رواتب الزوجة التي أصبحت من المشاكل التي تهدد استقرار الأسرة .